"حتى لا ننسى أن الميم قبل النون"
في مثل هذا اليوم منذ سنتين تنفس أكثر من 70 مليون مصري الصعداء بعد 120 دقيقة من اللعب بالأعصاب -قبل الكرة- في نهائي كأس الأمم الأفريقية.. وخرج النفس المكتوم طويلاً على هيئة زفرة حارة صارخة باسم مصر..
أكثر ما جذب اهتمامي في البطولة هو روح الوطنية التي “سكنت” فئات من الشعب لم تكن تعرف لها انتماءً من قبل.. من أول أطفال الشوارع الذين يهربون من المدارس صباحًا ومن بيوت ذويهم ليلاً ولا يعرفون كيف يكتبون “مصر”.. وحتى طالبات الجامعات إياها اللواتي لا يعرفن عن مصر سوى أنها البلد “دي” التي نشأن فيها والتي كان يمكن أن تكون أفضل لو أنها كانت نسخة متطابقة مع البلد الفلاني..
أعلى مبيعات بعد تذاكر البطولة كانت مبيعات الأعلام المصرية.. وانتشرت موضة تلوين الوجوه بألوان علم مصر الثلاثة لا على الصعيد الشخصي فقط.. وإنما تحول الموضوع لبيزنس رائج مثلما يستغل الجزارون موسم العيد ويستغل الحلاقون موسم الحج !
وأنا أشاهد آلاف الأعلام في الاستاد والشوارع والسيارات والمشاريع والوجوه والملابس فكرت في فكرة هامة جدًا..
المصريون تذكروا العلم ولوحوا به مع توالي انتصارات المنتخب..
فما الحال لو هُزم في أي مباراة -ناهيك عن النهائي- وخرج من البطولة (أو على الأقل لم يحصل على المركز الأول)..؟
هل سيقومون بحرق العلم……….؟!
فهذه عادة محببة لدينا نحن العرب للاعتراض.. ولا أكثر من الاعتراض على خسارة منتخب مصر الذي يحظى بتمويل حكومي -وضرائبي بالتبعية- أكثر من ذاك الذي يحصل عليه البحث العلمي في البلاد !
لأننا شعب يسوده الجهل -أكثر من الأمية- للأسف.. ينسى الكثيرون أن حرف الميم في اللغة يأتي قبل النون.. أي أن “مـ”صر قبل الـ”نـ”صر.. لا يجب أن نفخر بمصر لأننا انتصرنا فحسب.. وعار علينا أن تكون كل علاقتنا بمصريتنا هي انتماء كروي (مع كامل احترامي لكل الكرويين الذين أصبحت منهم مؤخرًا)..
لست خير من يتكلم عن الانتماء (وأعرف صديقًا لي بالذات سيدخل ليسب ويلعن موضوع الانتماء والوطنية والقومية هذا).. لكن أن تكون كل فكرة المصريين عن الانتماء تتمحور حول كرة قفّازة فهذا هو السخف بعينه !
يا ليتنا نتذكر ترتيب الحروف في اللغة.. كما نتذكر تاريخ انتصارات المنتخب المصري و(ننسى خساراته) !
كريم العيسوي
منقول من موقع جامعة أون لاين
0 comments:
Post a Comment